السبت، 29 يناير 2011

قراءة لاحداث مصر

ان ما حدث فى مصر خلال الفترة من 25 يناير وحتى الان صحوة بكل المقاييس ، اظهرت بما لا يدع مجالا للشك ضعف الحكومة وهشاشة النظام ، كما اظهرت المنتفعين والمتسلقين والنفعيين ، واظهرت المطبلين والذين يأكلون من فتات موائد النظام ، كما اوضحت بشكل جلى كيف يتعامل الامن مع الشعب ، والامن فى مصر غالبيته الان مخبرين لا تميزهم الا عندما ينقضون على مواطن لا يطلب الا لقمة العيش والحياة الكريمة فتراهم كالكلاب التى يلقى لها عظمة ، معذرة للتشبيه ولكن هذا ما رأيته على شاشات التلفاز .
كان النظام يظن ان هذه التظاهرة مثلها مثل التظاهرات السابقة التى دعت لها احزاب المعارضة او حركة كفاية او جماعة التغيير وانها ستبقى لساعة او ساعتين او ربما ساعات ثم يعود كل واحد الى بيته ولذلك كانت الاوضاع هادئة فى البداية ، الى ان ادرك الامن ان الوضع مختلف وان ما يحدث ليس بفعل تلك الاحزاب او الجماعات وانما هى انتفاضة حاولت الاحزاب والجمعيات ان تلحق بركبها فكانوا فى اخر الطابور ، فكشر الامن عن انيابة وبالتأكيد بتعليمات من زبانية النظام فكانت علقة الجنينة التى اخذها شباب الصحوة فى ميدان التحرير وتم تفريق الشباب .
ولكن الشباب لم يقفوا عند هذا الحد وانما عادوا باصرار وعزيمة على الاستمرار ونزلوا الاربعاء والخميس ورتبوا ليوم الجمعة لتخرج المسيرة من المساجد وانضمت الاحزاب التى كانت تشعر بالخجل من الانضمام ان لم نقل الخوف الى المسيرة التى زادت على مطالبتها بطلب اسقاط النظام بعد ان كانوا ينادون فقط بالتغيير ، وصمد شباب مصر وشعر النظام بانه يلفظ انفاسه الاخيرة فبدأ يبحث فى جعبته عن الاساليب الممكنة التى يمكن ان يحافظ على بقاؤه بها , فوجدوا سلاحهم الذى يستخدمونه دائما فى الانتخابات واثارة القلاقل بين افراد الشعب دائما .. انه سلاح البلطجية الحكومية .. وهم موظفون فى الحزب برتبة بلطجى .. فطلبوا منهم ومن المخبرين ان يخربوا ويحرقوا حتى يجدوا مبررا لانزال الجيش ونجح البلطجية بدرجة امتياز فى ذلك وحتى لا نتجنى على البلطجية فقد انضم الغوغاء الى البلطجية من اجل الحصول على اى شيئ .
ونزل الجيش بشكل حضارى وفهم واعى لمطالب الشعب فالتحم بالشعب وحافظ على النظام .. وحتى لا انسى فإن هناك من رجال الامن من تعاطف مع الشباب فلم ينفذوا التعليمات بسحق وكسر واذلال الشباب وانما يدعون لهم بالنصر .
ان ما حدث فى مصر بكل الاشكال هو ثورة حقيقية اثبتت ان شعب مصر ليس كما كان يظنه الكثيرين من النظام واتباع النظام وان ابناؤه من نفس رحم الامهات المصريات الاصيلات شعبا وجيشا وامنا .
ثم بدأ النظام فى اخراج مسرحيته المكشوفة والتى بدأت ببدء الاعلام المصرى باذاعة ما يحدث على ارض المحروسة وبشكل مستفز لا يليق كان الاجدر بهم ان يسكتوا فسفهوا ما يحدث وادانوا الحرائق والنهب قبل ان يحدث وكأنما هم على علم بحدوثه ، وكان هذا تمهيدا لاعلان حظر التجول وانزال الجيش الى شوارع مصر وكأنما افلس النظام تماما واسقط فى يده واراد ان يضرب الشعب بالجيش ، واستقبل الشباب جيش مصر بهتاف جميل واحد اتنين جيش مصر فين ، وتعامل الجيش مع الشعب تعامل الابن والاخ والوالد والصديق وفشلت مخططات النظام ، فخرج علينا الاعلام الذى نطلق عليه للاسف الرسمى ، وهو رسمى لانه يتبع النظام ولكنه لا يعبر عن نبض الشارع والكلام فى هذا هذا يطول خاصة فى ايام انتفاضة وحتى لا اخرج عن السياق ظهر اعلان على الشاشات بإن رئيس الجمهورية سيلقى بيانا ثم ظهر ان هذا مجرد اشاعة ثم ظهر اعلان اخر بان رئيس البرلمان سيلقى بيانا واستمر ذلك لفترة طويلة ولم نسمع البيان ثم ظهر اعلان بان التهدئة بيد الرئيس مبارك وذكرنى هذا بقيام المسئولين بضرورة اقران التوجيهات العليه الى من هم اعلى منهم سلطة حتى ولو كان ما يحدث هو من صميم العمل ، ولم يلتزم احد بحظر التجوال وانما نزلت السيارات لتقف على كوبرى اكتوبر فى تحدى سافر فالامر لا يحتاج الى حظر تجول بقدر ما يحتاج الى تفهم سياسى هو بالاصل غير موجود .
وحوالى الواحدة ولاننى لم انظر الى الساعة لا استطيع ان احدد بالتحديد خرج علينا الرئيس مبارك قويا شامخا ونحن نريد ان يكون رئيسنا كذلك وما ان بدأ فى الحديث حتى ادركت انه يتحدث عن امور غير ما جرى فى الشارع او كأنه لم يرى ما يحدث وايقنت بانه لن يرحل قبل ان يكمل خطابه ورأيت حجم التهديد الذى يتضمنه الخطاب لهؤلاء المندسين الذين لا يريدون مصلحة مصر وانه سيحافظ على الخائفين ويضمن لهم الامن والامان ، واستمعنا الى ما نسمعه منذ عقود عن الاصلاح الاقتصادى ومحدودى الدخل وزاد عليه محاربة الفساد ، وكنت اتوقع ان اسمع قرارات تتعلق بالدستور ومجلس الشعب المزور ولكن القرار كان اقالة الحكومة .
معذرة يا سيادة الرئيس ولاول مرة سامارس حريتى فى التعبير فاننى لم ارى ان الخطاب يرقى الى مستوى الحدث وانه كان اقل بكثير من مستوى اتوقعات الشعب مما يشوهه ويختزل ما حدث فى قيام جماعة معلوم للجميع هويتها وهذا امر يخالف الواقع والحقيقة .
ثم استمعت الى خطاب رئيس امريكا وقد كان واضحا ان الاتجاه الامريكى لم يرى مطالب الشعب وانما يؤيد النظام ولكنه كان بيان كان من الافضل الا يعلنه لانه اثار الشعب بدلا من ان يهدئه .
وارى ان الرئيس لو كان اعلن هذا الخطاب يوم الثلاثاء او الاربعاء لانتهت الامور وعاد الجميع الى بيوتهم ولكنه من وجهة نظرى الشخصية لم يتعامل مع الامور بحنكة سياسية وانما تعامل مع الامور بعدم اهتمام وقلة اكتراث .
والسؤال الذى يطرح نفسه هل سينتهى الامر عند هذا .. لا اعتقد هذا فشباب الصحوة لهم مطالب وقد افاقوا من الغفوة فلم يعد الفتات يكفيهم .. وارجو من البلطجية ان يتوقفوا عن السرق والنهب لانه بالتاكيد ستدور الدائرة عليهم ، واطالب الجيش بان يحمى الشعب من هؤلاء البلطجية لا ان يضرب الشباب ويترك البلطجية فيعيسوا فى الارض فسادا بهدف انهاء صحوة الشباب ليرجعوا ليدافعوا عن بيوتهم .
انها حيلة مكشوفة ولا اعتقد انها ستؤدى الى وئد انتفاضة الشباب ، فالشباب الذى لم يسرق وينهب ايام الثلاثاء وحتى الجمعة يدرك تماما من يحاول افساد كل الامور واشاعة البلبلة وترويع المواطنين .

ليست هناك تعليقات: