لاشك ان ثورة مصر دون تخصيص او ترتيب كانت عملا رائعا بكل المقاييس والمعايير ، ومن خلال الثورة حققنا الايجابيات ما لم يك من المتصور تحقيقها ، فقد ازحنا رأس النظام ، وازحنا عناصر كثيرة من رؤوس النظام ، وازحنا رجال اعمال نهبوا ثروات وخيرات مصر بعيون بجحة وقلوب ميتة ولم يرعوا فى مصر وشعبها ذرة من ضمير او مسحة من رحمة ، كما تم تعطيل الدستور ، وتم حل مجلسى الشعب والشورى المزورين ، وبدأنا فى محاسبة الفاسدين ، وانهينا جهاز امن الدولة ظاهريا ، وظهر فى مصر رجال نحسبهم على خير ، واظهر الاستفتاء بالرغم من اعتراضى عليه مدى تلاحم الشعب والرغبة فى الادلاء بالاصوات والشعور باهمية الاصوات ، واعتقد ان هذا من اهم ما حققته الثورة ، اضافة الى ما نراه على كل الساحات من مساحات الحرية فى التعبير والشعور بالعزة .
ولكن فى المقابل رأينا فى مصر ما لم نك نتوقع من بلطجة قد تكون مدفوعة ولكنها فى الحقيقة تبين مدى خسة نوعيات من البشر فى مصر لانهم روعوا الامنين وروعوا النساء والاطفال وليس هذا من شيم رجال مصر ، وحرية الخطأ احد المفاهيم الخاطئة ، اما عن حرية التعبير فحدث ولا حرج لان الكثيرين فهموها خطأ ، وكأنما انطلقوا من القمقم واصبح كل واحد منهم مارد ، وفهموا ان الحرية هى ان يقول ما يشاء وقتما يشاء وظهرت ظاهرة ان لم توافقنى فانت ضدى ، كما فهموا ان الحرية لا تضع اعتبار لصغير او كبير ففقدنا الكثير معانى احترام الكبير وادب الحوار ، وتحول الكثيرين الى سياسيين واجتماعيين واصلاحيين ، فبدأوا يحكمون ويشرعون وللاسف بغير علم ، وبدأنا نعيب الزمن القديم دون تمييز بين ردئ الصفات ومحاسنها وكأننا مع الثورة نزلنا من كوكب اخر ، وظهر الرفض لطوائف والمطالبة بحجب طوائف وبدا الرغبات فى الاقصاء والتهميش واضحا عن ذى قبل ، ومن لا يعجبه شيئ يفتح له صفحة على الفيس بوك ليهاجم ما لا يعجبه من خلالها سواء كان شخص او عمل .
واشعر بالتفاؤل بالرغم من كل السلبيات الموجودة ، لان المكاسب اكبر منها ، وارى فى نفس الوقت ان الثورة التى لا تتسلح بالمبادئ والقيم الدينية هى ثورة جوفاء ، والثورة التى تتعامل مع الاخر بنفس الاسلوب الذى كانت تشكو منه هى ثورة سرعان ما يتحول راكبى موجتها الى نفس الصنف الذى من اجله قامت الثورة ، والثورة التى لا تبنى هى ثورة عرجاء ، ولنأخذ الدرس ممن سبقنا ، ان مصر فى حاجة الى جهود ابناؤها .. كل ابناؤها ، لان الثورة الحقيقية لم تحدث بعد وانما ستظهر اثارها فى التنمية والديمقراطية المنضبطة والخطوط الواضحة للشعب فى ادارة شئونه وبناء المستقبل الذى نريد دون تنازلات او اتفاقات سرية او تهاون فى حق مصر وابناؤها .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق