الجمعة، 4 مارس 2011

اشكو واختصم نفسى والجيش والحكومة والاعلام والامن والشعب

ما اجمل ثورة مصر ، وما اجمل مشاعرها الجميلة التى اعتملت فى النفوس فاختلطت الفرحة بالدمعة والصرخة والضحكة والغنوة ، وارتفعت الرؤوس واستقامت الظهور بعد طول انحناء وانتفضت النفوس تنادى انا حر بعد نصف قرن او يزيد ، ومع ان ثورتنا كانت مطالبها بسيطة الا ان الظروف والبطئ وقلة الاكتراث كانت سببا فى الصمود واصبح عامل الوقت مؤثرا فى طلبات الشارع فى جميع انحاء مصر وليس فى ميدان التحرير فقط ، ولكن ميدان التحرير مثله مثل كل الرموز فى مصر يقع فى العاصمة وتحت الاضواء ، وبدأت الثورة تهادن الجيش وكان الجيش عند حسن الظن مع بعض البطء وهو شيئ اعتدنا عليه فاننا لا نتوخى الحرص فى الاشياء ونحسب للامور الف حساب وحساب ، ومع انتهاء الثورة اصبح لدينا القليل من العقلاء والكثير الكثير من الذين يركبون الموجة ، والكثير ممن يعبرون عن الامهم من خلال الصراخ ، والكثير من العاطلين وجدوا فى الميدان ملاذا ولهم الحق الى حد ما ولكنى اتسأل هل يظنون انه سياتيهم العمل وهم بالميدان ، ان الذين نظفوا الميدان ودهنوه فعلوا ذلك ليرى العالم مدى تحضر الثورة ولكن هل يفعلون ذلك فى بيوتهم وشوارعهم .. لا اتهم احدا ولا احاول الاسقاط وان لم يرى من يقولون انهم اصحاب الثورة ما يحدث فى مصر الان تكون عندهم مشكلة - مع تحفظى الشديد على مقولة اصحاب الثورة - لان ثورتنا ليس لها صاحب الا الشعب ، ان ما يحدث فى مصر الان لن يمكن تداركه لسنوات عديدة لان الحرية لا تعنى الانفلات ولا تعنى التعدى ولا تعنى الاهانة وللاسف هذا ما يحدث فى مصر الان ، البلطجية الان يتحكمون فى مناطق كثيرة والاسلحة اصبحت فى ايدى الكثيرين حتى الاطفال والاحكام بالاعدام اصبح ينفذها اشخاص ، والكبار يبدو انهم انطلقوا من الاسر فاصبحوا يتكلمون بمنطق وغير منطق وما اكثر غير المنطقى ، واسمينا الخروج عن اللياقة شجاعة والاهانة قول حق فيمن نحكم عليه بانه عدو ، واحكامنا مطلقة لا رجعة فيها ولا توبة لمن يقترف او يرفع اصبع للثورة ، والشباب فى معظمه لم يصدقوا ما وصلوا اليه فارادوا اقتناص ثورة شعب باكمله وفى الغالب نسوا ادب الحوار ، والمنتفعين خرجوا من القمقم يريدون القفز على مكتسبات شعب ، والاعمال متوقفة والمدارس متوقفة وان عملت لا يرسل الاباء ابناؤهم لخشيتهم عليهم من عدم الامان ، فهل هذا ما كنا نريد ، ان الثورة التى لا تعمل من اجل البناء هى ثورة جياع ينتظرون الفتات وللاسف من موائد اللئام ، ان الثورة التى لا تترجم فى ثورة اخلاقية واجتماعية وصناعية هى ثورة عرجاء سرعان ما تكون مجموعة جديدة تحكمهم ولكن بشكل ناعم حتى تتمكن ، والاخلاق هى التى تبنى الامم وليس شيئا اخر ، واذا وجدت الاخلاق وجد كل شيئ ، الامن والامان والاخلاص فى العمل والرغبة فى البناء ومحاربة الفساد وحرية الكلمة بغير تجاوز
اننى مصرى اريد الحرية ، الحرية الحقيقية وليس حرية الفوضى ، حرية اطارها دينى وقيمى ومبادئى . احاول ان اطرح ما يعتمل فى نفسى ، ولعلنا جميعا نعرف القاعدة الشرعية التى تقول ان درء المفاسد مقدم على جلب المنافع ، وقد درءنا مفاسد عظيمة من جانب النظام واغفلنا جانب هام ويمثل النسبة الغالبة والتى لن نستطيع ان ندفعها بسهولة لتغير ما بانفسها .
واقول للجيس والحكومة البطء لن يؤدى الا خسائر اكبر من المنافع فاتخذوا قراراتكم بالنسبة للفساد واستخدموا الطوارئ لابعاد اصحاب المصالح من الشوارع والطرقات لانهم يثيرون الفتن ويقودون بالفعل ثورة مضادة ، واوكلوا للجنة دستورية النظر فى تعديل مواد الدستور واجلوا الاستفتاء ، وانظروا فى امن الدولة ، وافرجوا عن كل المعتقلين من ثوار يناير واصحاب الرأى والسجناء السياسيين ، وطبقوا الطوارئ على البلطجية ، وعينوا لجنة رئاسية انتقالية ، واعيدوا رجال الامن الى شوارع مصر ، تفوزوا ونفوز ونحافظ على مصرنا العزيزة ،ويجب ان تكون مصلحة مصر الان فوق كل المصالح الشخصية .
اننى من هنا اختصم منى ومنكم لاجل مصر الذى علا فيها صوت الرويبضه واطلق فيها سراح النفوس المجرمة ببلطجة لم تراها مصر يوم من الايام وحكومة تهادن لكسب الوقت ومعارضة تتاهب للقفز والتداعى على قصعة مصر ، وسرعة اتخاذ الاجراءات واجراء الانتخابات او الاستفتاء على الدستور بسرعة لن تؤدى بنا الى اصلاح وانما الى العكس ، لذا فلنراجع انفسنا ونسألها هل هذا ما كنا نريده من الثورة .

ليست هناك تعليقات: